منوعاتعام

تأثير الإعلام والسوشيال ميديا على صورة القبائل

في زمنٍ تسارعت فيه الصورة قبل الكلمة، وأصبح الخبر يُستهلك أسرع من وجبة سريعة، لم يعد للإعلام والسوشيال ميديا مجرد دور ناقل للأحداث، بل باتا يصنعان الصورة الذهنية، ويشكّلان الرأي العام، خاصة فيما يخص الهويات الجمعية كالقبائل.

١. الإعلام: صانع الصورة ومشوّهها أحيانًا
منذ ظهور الصحافة، مرورًا بالراديو والتلفاز، وحتى الإعلام الرقمي، لعب الإعلام دورًا رئيسيًا في نقل أخبار القبائل وتوثيق مآثرها، لكن في كثير من الأحيان، وقع في فخ التعميم أو التحيز.

  • عرض البطولات والكرم والنخوة قدّم صورة مشرقة.
  • بالمقابل، بعض التغطيات السطحية أو المسيّسة أسقطت القبائل في قوالب نمطية جامدة: “قبائل بدائية”، أو “مجتمعات مغلقة”، مما أضرّ بصورة الكثيرين أمام العالم.

٢. السوشيال ميديا: ساحة مفتوحة بلا حارس
مع بزوغ مواقع التواصل، دخلت القبائل بنفسها ميدان السرد.

  • أفرادها باتوا ينشرون ثقافتهم بأنفسهم: عاداتهم، لهجاتهم، أفراحهم، وأزياؤهم.
  • ومع ذلك، السوشيال ميديا، بما تحمله من سرعة وانتقائية، قد تختصر القبيلة في مشهد واحد أو مقطع عابر قد يُحرف المضمون أو يُضخمه.
  • الانتشار الواسع أتاح فرصة ذهبية للتعريف بالتراث، لكنه حمل أيضًا تهديدات بالتسطيح أو التنميط الزائف.

٣. الصورة الذاتية مقابل الصورة المفروضة
الإشكالية اليوم أن بعض القبائل وجدت نفسها عالقة بين صورتين:

  • صورة تريد أن تحافظ عليها (الأصالة، العزوة، النسب الكريم).
  • وصورة يرسمها الآخرون عنهم وفق منظور إعلامي اختزالي أو ضيق.

٤. التحدي والفرصة: كيف نستثمر الإعلام بذكاء؟

  • الاستثمار في إنتاج محتوى احترافي يُظهر الوجه الحقيقي للقبائل: أفلام وثائقية، بودكاست، حملات تعريفية.
  • إبراز قصص النجاح المعاصرة لأبناء القبائل: أطباء، مهندسون، فنانين، رياديين.
  • تصحيح المعلومات الخاطئة بسرعة، وعدم ترك الفرصة لتضخم الشائعات أو الصور المشوهة.
  • إنشاء مبادرات إلكترونية توثق تاريخ القبائل بلغة العصر، مثل الموسوعات الرقمية والبودكاست واليوتيوب.

٥. الختام: قبائلنا شمسٌ لا يحجبها غبار
القبائل كانت وما زالت خزائن قيمٍ عظيمة: النخوة، العدل، الكرم، الشجاعة.
وإن مرّت صورتها أحيانًا بسُحب التشويه أو الجهل، فإن الحقيقة كالشمس، لا يغطيها غربال.
يحتاج الأمر فقط لعقولٍ مخلصة وأيادٍ ماهرة تمسك بكاميرا وميكروفون، تحكي القصة كما هي، لا كما يشتهي التريند.
القبيلة اليوم ليست مجرد ماضٍ يُستذكر، بل روح نابضة تبني المستقبل وهي تحمل جذورها بكل فخر واعتزاز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى